نص للمطالعة(الشعور بالانا والشعور بالغير)خاص باللغات والعلميين

نص هيدغر 
تهديد الغير
إن التباعد باعتباره خاصية مميزة للوجود – مع – الغير، يلزم عنه أن الموجود – هنا يجد نفسه داخل وجود- مشترك يومي تحت قبضة الغير. إن الموجود – هنا، باعتباره وجودا فرديا خاصا، لا يكون مطابقا لذاته، عندما يوجد على نمط الوجود – مع- الغير، لأن الآخرين أفرغوه من كينونته الخاصة. فإمكانيات الوجود اليومية للموجود هنا، توجد تحت رحمة الغير. فالغير في هذه الحالة ليس أحدا متعينا، بل على العكس من ذلك، بامكان أي كان أن يمثله، فما يهم هو هذه الهيمنة الخفية التي يمارسها الغير على الوجود-هنا عندما يوجد مع الغير. فالذات نفسها عندما تنتمي إلى الغير تقوي بذلك من سلطته.
إن " الآخرين "، الذين نسميهم بهذا الاسم لإخفاء أننا ننتمي إليهم بشكل أساسي، هم الذين يوجدون منذ الوهلة الأولى، و في الغالب، و في الحياة المشتركة على نمط " الموجود-هنا".
في استعمالنا لوسائل النقل العمومية، أو في استفادتنا من الخدمات الإعلامية ( قراءة الصحف مثلا )، نجد أن كل واحد منا يشبه الآخر. فهذا الوجود- المشترك يذيب كليا الموجود – هنا، الذي هو وجودي الخاص، في نمط وجود الغير، بحيث يجعل الآخرين يختفون أكثر فأكثر و يفقدون ما يميزهم و ما ينفردون به. عن وضعية اللامبالاة و اللاتمييز التي يفرضها الوجود-مع-الغير، تسمح للضمير المبني للمجهول " on" أن يطور خاصيته الديكتاتورية التي تميزه.
إننا نتسلى و نلهو كما يتسلى " الناس " و يلهون، و نقرأ الكتب و نشاهد الأفلام، و نحكم على الأعمال الأدبية و الفنية كما يقرأ الناس و يشاهدون الأفلام و يحكمون على الأعمال الأدبية، و ننعزل عن الحشود كما ينعزل الناس عنها و نعتبر فضيحة ما يتعبره الناس كذلك ( ...)
يمكن أن نقول : لقد أريد هذا، كما يمكن أن نقول لا أحد أراد هذا فيصبح كل واحد هو آخر، و لا أحد هو هو ، إن المجهول الذي يجيب عن سؤال من هذا الموجود- هنا ليس شخصا متعينا، إنه لا أحد.
مارتن هايدجر، الوجود و الزمن، الترجمة الفرنسية لبويم دي ويلهانس، غاليمار، 1964،ص: 158-160
Martin Heidegger, Etre et Temps

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل الذاكرة ذات طبيعة مادية أم نفسية؟

قارن بين العلم والفلسفة (خاصة بالعلميين واللغات)

هل معيار الحقيقة العمل النافع أم تأمل الإنسان لعالمه الداخلي؟