السؤال:قارن بين المشكلة والإشكالية 3ل أ/3ع ت/2أف


السؤال:قارن بين المشكلة والإشكالية

مقدمة: يعتبر السؤال السبيل المباشر للفكر فهو يمكن الإنسان من طلب المعرفة والوصول إلى الحقيقة التي تجذب حبه للحكمة،والسؤال هو ما يستوجب جوابا غير أن السؤال في واقع الأمر له عدة مستويات منها مستوى الأسئلة البسيطة،والمكتسبة والانفعالية،هذه الأخيرة التي تطرح على شكل مشكلة أو إشكالية لمدى تعمق المجال الذي تطرح فيه،ولضبط هذين المفهومين سنقوم بإثارة التساؤل التالي:ما هي أوجه الاختلاف وأوجه التشابه وأوجه التداخل الموجودة بين المشكلة والإشكالية ؟ وبعبارة أخى ما العلاقة الموجودة بينهما؟

 التحليل:


أوجه التشابه:
  توجد نقاط اتفاق بين المشكلة والإشكالية أهمها:
أن كلاهما نوع من أنواع السؤال الفلسفي أي أنهما عبارة عن سؤال انفعالي تثيران الاضطراب والقلق والارتباك على اعتبار أن كل من المشكلة و الإشكالية شرط في بناء أية نظرية فلسفية بما تبعثه في ذهن الفيلسوف من حيرة تدفعه للتأمل و التفكير ، و عليه فإن كل منهما يمثل منطلقا لبحث فلسفي جديد ، فالمشكلة و الاشكالية إذن كل منهما يبعث على المعاناة الفكرية لمدى خاصية الذي يتبناهما أنه يملك فكرا نقديا يمكنه من تجاوز الأفكار الشائعة والأحكام المسبقة
وهما عبارة عن سؤال فلسفي يعالج مواضيع ميتافيزيقية كالحرية،المسؤولية،..... بمنهج تأملي مصدره الدهشة كتساؤل يرفض المعرفة الجامدة ويسعى الى بناء أخرى جديدة تحدد موقفه بعد أن انتقد وقرر وأثبت،كما أن هدفهما واحد هو تنمية وتقدم الفكر البشري و يدفعه إلى البحث عن الإجابة لبلوغ المعرفة،كما أنهما قضية عالمية إنسانية تأملية كالعولمة و يحملان مفارقات وتناقضات ناتجة عن اختلاف ثقافة المجتمع من عادات و دين و تقاليد…. و عليه فإن كل منهما يمثل منطلقا لبحث فلسفي جديد،فالمشكلة و الاشكالية إذن كل منهما يبعث على المعاناة الفكرية .ويعبر إدموند هسرل على قيمتهما باعتبارهما  سؤالا انفعاليا بقوله:«... من أراد  مهما كان أن يكون بالفعل فيلسوفا،وجب عليه  مرة في حياته  أن ينطوي على نفسه و ينسحب داخلها، و يحاول قلب كل العلوم المقبولة حتى الآن،ساعيا إلى إعادة بنائها. إن الفلسفة أو قل الحكمة هي قضية الفيلسوف الشخصية .يجب أن تتأسس باعتبارها له هو, و حكمته هو و علمه هو الذي على الرغم من نزوعه إلى العالمية – اكتسبه هو ,وهو الذي يحب أن يكون قادرا على تبريره منذ الأصل وكذا الأمر بالنسبة إلى كل مرحلة من مراحله ,معتمدا في ذلك على حدوسه المطلقة »
أوجه الاختلاف: 
رغم نقاط الاتفاق الموجودة بين المشكلة والاشكالية إلا أنه لا يمنعنا من تحديد نقاط التباين بينهما وهي:
 أن المشكلة قضية فلسفية لها حل لأنها تمتاز بالالتباس و الغموض و يمكن إزالتهما و تعرف بأنها مسالة فلسفية يحدها مجال معين سببها الدهشة التي تعني شعور الفيلسوف بالجهل و دفعه إلى البحث عن إجابة حيث يقول جون ديوي: »إن التفكير لا ينشا إلا إذا وجدت مشكلة و الحاجة إلى حلها«والمشكلة تتميز بالجزئية والخصوص القضية التي تطرحها يكون الاضطراب فيها دهشة. على اعتبار أن المشكلة مجال بحثها في الفلسفة أقل اتساعا من الإشكالي،وقد عرف محمد عابد الجابري المشكلة بقوله:»...المشكلة تتميز بكونها يمكن الوصول بشأنها إلى حل يلغيها.فـ"المشاكل" في الحساب تنتهي إلى حل،باستثناء بعض المعادلات الرياضية التي يكون حلها(...)بالإعلان عن كونها لا تقبل الحل.أما المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية عموما أو المشاكل التي يصادفها العلماء في العلوم الطبيعية بمختلف أنواعها،فهي جميعا تنتهي إلى نوع من الحل،آجلا أو عاجلا،ما دام المجال الذي تطرح فيه ينتمي إلى الواقع الموضوعي ويقبل نوعا ما من التجريب(...)لماذا؟ لأن "المشاكل"،بهذا المعنى،إنما تظهر من خلال تقدم البحث، فاكتساب مزيد من المعرفة بموضوع ما يفتح الطريق أمام اكتشاف مجاهيل جديدة،تكون مناسبة لطرح أسئلة جديدة»
و هي تختلف عن الإشكالية التي تعتبر معضلة فلسفية تترامى حدودها و تحتاج إلى أكثر من علاج و تسبب الإشكالية الضيق أو الحرج لأنها تمتاز بالحل المفتوح وبهذا فالمشكلة تختلف عن الإشكالية كون الأولى لها حل بحسب المجال الذي تطرح فيه،أما الثانية لها حل مفتوح و المشكلة تمتاز بالدهشة و الإشكالية تسبب الضيق والإحراج،و تتميز بالكلية والعموم، و القضية المطروحة فيها ترتبط بالاضطراب والإحراج و الإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى حدودها و تتسع أكثر و تنضوي تحتها المشكلات الجزئية ، حيث يعبر عنها محمد عابد الجابري بقوله:«... أما "الاشكالية"،فهي شيء آخر(...) غير معنى "المشكلة" (...)الاشكالية هي ،في الاصطلاح المعاصر، منظومة من العلاقات التي تنسجها داخل فكر معين (فكر فرد أو فكر جماعة)،مشاكل عديدة مترابطة لا تتوفر إمكانية حلها منفردة ولا تقبل الحل،-من الناحية النظرية-إلا في إطار حل عام يشملها جميعها.وبعبارة أخرى :إن الاشكالية هي النظرية التي لم تتوفر إمكانية صياغتها، فهي توتر ونزوع نحو النظرية،أي الاستقرار الفكري »

أوجه التداخل:
 إن أوجه الاتفاق وأوجه الاختلاف الموجودة بين المشكلة والاشكالية مكنتنا من تحديد العلاقة الموجودة بينهما وهي العلاقة بينهما هي علاقة المجموعة بعناصرها فالإشكالية تكون محتضنة لمختلف المشكلات فإذا حددنا موضوع الاشكالية عرفنا المشكلات التي تتبعها. و إذا كانت العلاقة بينهما هي علاقة المجموعة بعناصرها أدركنا جيدا متى نستعمل لفظ المشكلة ، و متى نستعمل لفظ الإشكالية ، فهذه الأخيرة باعتبارها  المعضلة الأساسية التي تحتاج إلى أكثر من علاج ، و في مقابل ذلك باعتبارها  القضية الجزئية التي تساعد على الاقتراب من الإشكالية.
الرأي الشخصي:
إني أرى بدوري أنه توجد علاقة بين المشكلة والإشكالية فرغم الاختلاف الاصطلاحي بينهما إلا أن التشابه بينهما مكننا من فهم وإدراك علاقة الكل بأجزائه فالمشكلة كلما تعقدت أصبحت إشكالية لأنها تصبح تتناول قضية عالمية وشاملة،وكلما حاولنا تحليل الاشكالية سنجزؤها إلى مشكلات ونبسطها،وهذا هو مفهوم علاقة الكل بأجزائه.

الخاتمة:
نستنتج من خلال التحليل السابق أنه توجد علاقة بين المشكلة والإشكالية ولا يمكن نفي ذلك لارتباطهما بأصل واحد وهوالتساؤل النابع من الفكر النقدي الذي يهتم بمعالجة القضايا التي يحياها الإنسان وتشغل حياته الفكرية، فالاختلاف الاصطلاحي بينهما ظاهري فقط فهو يحيل من زاوية أخرى إلى علاقة الجزء بالكل والاختلاف بينهما يشبه الاختلاف بين الصبي والرجل .المهم ان الفكر البشري لا ينشأ إلا حين تسبقه مشكلة او اشكالية تتحداه وتحفزه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل الذاكرة ذات طبيعة مادية أم نفسية؟

قارن بين العلم والفلسفة (خاصة بالعلميين واللغات)

هل معيار الحقيقة العمل النافع أم تأمل الإنسان لعالمه الداخلي؟