هل توجد علاقة بين السؤال والمشكلة؟ 3ع ت/3ل أ

هل توجد علاقة بين السؤال والمشكلة؟
مقدمة: يحتاج الإنسان في تفاعله مع العالم الخارجي إلى آليات تمكنه من ترجمة فكره إلى منهجية تمكنه من الوصول إلى الحقيقة،ذلك ان الإنسان منذ وجوده وهو يتطلع إلى البحث عن ماهية هذا العالم،حيث لا يتم الوصول إلى مبتغاه إلا إذا حول كل ما يختلج في ذهنه إلى تساؤلات إما على شكل سؤال أو مشكلة،ولكي نفهم معنى كل من هذين المفهومين،سنحاول طرح التساؤل التالي:ما هي أوجه الاختلاف والتشابه والتداخل الموجودة بين السؤال والمشكلة؟

أوجه الاختلاف توجد نقاط اختلاف بين السؤال والمشكلة أهمها:
من ناحية التعريف نجد أن السؤال لغة:من سأل يسأل سؤالا والسؤال هو الطلب والالتماس أو هو استدعاء المعرفة ،أما المشكلة فهي قضية مبهمة ومستعصية غير واضحة الحل ويعرفها جميل صليبا:«مرادفة للمسألة التي يطلب حلها بإحدى الطرق العقلية أو العملية،فنقول:المشكلات الاقتصادية والمسائل الرياضية»
كما أن السؤال يطرح من طرف كل الناس مهما كان مستواهم العلمي أو الاجتماعي أو العمر،لأنه الوسيلة التي تمكنهم من الحصول على مبتغاهم مثل الأسئلة المبتذلة والأسئلة اليومية، حيث يقول فيدجنشتين:«...إن اللغز غير موجود فإذا طرح السؤال بشكل سليم فإنه يمكن أن يجد له جواب بشكل سليم»
في حين أن المشكلة لا يثيرها سوى أهل الاختصاص أو خاصة الناس كالعلماء والفلاسفة لأنها تثير فيهم الدهشة والتوتر العقلي،لهذا كانت الاجابة على المشكلات التي يثيرها العلماء والفلاسفة تحتاج إلى وقت للإجابة عنها لأنها ذات مستوى عال،حيث يقول جيل دولوز: «...ويكون للمشكل الحل الذي يستحق حسب الحقيقة والخطأ اللذين يخصانة، أي بحسب معناه»
وليس كل سؤال هو مشكلة بالضرورة ذلك أن الأسئلة المبتذلة يمكن الاجابة عنها لأنها محكومة بالعادة والمألوف،عكس المشكلة التي تمتاز بالانفعال لأن قضاياها غامضة وتحتاج إلى قدرات مضاعفة من التفكير والتأمل والبحث.ويقول كارل ماركس:«...إن الإنسانية لا تطرح من المشكلات إلا ما هي قادرة على حله»

أوجه التشابه:إن أوجه الاختلاف لا تمنعنا من تحديد نقاط اتفاق بين السؤال والمشكلة أهمها:
كلاهما وسيلة للبحث عن الحقيقة سواء كانت بسيطة متعلقة بمتطلبات الحياة اليومية أو معقدة مرتبطة بمجالات المصير الانساني كالاقتصاد والأبحاث العلمية،فهما يمكنان الإنسان من الوصول إلى إجابات لكل ما يختلج في ذهنه من تساؤلات.كما أنهما عبارة عن ترجمة للفكر الذي يحتاج إلى لغة ومنهجية تترجم الغاية التي يسعى إليها العقل،لهذا عرف كارل ياسبرس الفلسفة بقوله: «...الفلسفة ليست امتلاك الحقيقة وإنما هي السعي وراء الحقيقة ليتحول كل جواب إلى سؤال» ومعنى ذلك أن الحقيقة التي يسعى وراءها الإنسان يجب أن تتحول إلى سؤال سواء كان بسيطا أو إنفعاليا، سؤال مبتذل أو مكتسب أو إنفعالي،حيث يتحول هذا الأخير إلى مشكلة،لأن الأهم في طرح الأسئلة هي تمكين الفكر من التواصل مع العالم الخارجي وإدراكه في امتلاك حقائق توافق الملكة النقدية للإنسان، حيث يقول آلان جورانفيل :"...إن السؤال يفترض مسبقا شكا في الجواب باعتباره معرفة...إن السؤال الفلسفي هو تساؤل وليس مجرد سؤال".

اوجه تداخل:إن أوجه الاختلاف وأوجه التشابه لا تمنعنا من تحديد العلاقة الموجودة بين السؤال والمشكلة وهي أنه توجد علاقة تداخل بين السؤال والمشكلة ، فالسؤال يتحول إلى مشكلة إذا أثار قضية مستعصية الحل،كما أن المشكلة قد تنطوي على سؤال إذا ما عبرنا عنها بصيغة استفهامية كقولنا:هل العنف سلوك إيجابي أم سلبي؟

 الرأي الشخصي:إني أرى بدوري أن العلاقة الموجودة بين السؤال والمشكلة هي علاقة تداخل إذ السؤال يتحول إلى مشكلة كلما اتسع مجال الفكر عندما نحول قضايا الحياة اليومية إلى قضايا علمية أو فلسفية، كما أن المشكلة تتحول إلى سؤال عندما نحاول ترجمتها إلى تساؤل اسفهامي.

خاتمة:نستنتج من خلال التحليل السابق أنه يوجد بين كل من السؤال والمشكلة علاقة تداخل وتكامل وظيفي ولا يمكن الفصل بينهما،فعلى الرغم من التباين الاصطلاحي والمفهومي إلا أنه لا يمكننا الفصل بينهما لمدى تلاحم وظيفتهما معا في تمكين الفكر من البحث عن الحقيقة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل الذاكرة ذات طبيعة مادية أم نفسية؟

قارن بين العلم والفلسفة (خاصة بالعلميين واللغات)

هل معيار الحقيقة العمل النافع أم تأمل الإنسان لعالمه الداخلي؟