نص للمطالعة (الشعور بالأنا والشعور بالغير) خاص باللغات الأجنبية والعلميين


نص للمطالعة (الشعور بالأنا والشعور بالغير)
لننظر مثلا إلى الخجل، إن ضرب من الشعور، إنه شعور غير مباشر بالذات كخجل، و هو بهذا الشكل مثال لما يسميه الألمان بالمعيش، فهو سهل و ممكن تأمله. و فضلا عن ذلك فإن تركيبه قصدي، إنه إدراك خجول لشيء ما، و هذا الشيء هو أنا، إني خجول مما أكونه. فالخجل يحقق إذن علاقة باطنية بين الأنا و الأنا، و قد اكتشفت في الخجل مظهرا من وجودي، و مع ذلك فعلى الرغم من أن بعض الأشكال المركبة و الشتقة من الخجل يمكن أن تظهر على المستوى التأملي، فغن الخجل ليس أصلا ظاهرة التأمل. و الحق أنه مهما تكن النتائج التي يمكن الحصول عليها في الخلوة بواسطة الممارسة الدينية للخجل، فإن الخجل في تركيبه الأول هو خجل أمام شخص ما. لقد قمت بحركة غير لائقة، و هذه الحركة تلتصق بي، لا احكم عليها و لا ألومها، بل أحياها فقط، و أحققها كنمط من أنماط الوجود من أجل الذات.
لكن ها أنذا أرفع رأسي فجأة، و كأن هناك أحدا رآني، و أتحقق من كل ما في حركتي من سوقية فاخجل. و من المؤكد أن خجلي ليس تأمليا، لأن حضور الغير في شعوري.. لا يتوافق مع الموقف التأملي. ففي مجال تأملي الخاص لا أستطيع أبدا أن أجد سوى الذي هو شعوري، و لكن الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني أنا و بين نفسي : فأنا خجول من نفسي من حيث أتبدى للغير. و بظهور الغير، أصبح في مقدوري أن أصدر حكما على نفسي كما أصدره على موضوع ما، لأني أظهر للغير بوصفي موضوعا، و مع ذلك لإن هذا الموضوع المتبدى للغير، ليس صورة تافهة في عقل الغير. إن هذه الصورة ستنتسب كلها إلى الغير، و لا يمكن أن « تمسني ». و يمكنني أن أحس بالضيق و الغضب إزاءها، كما يحدث أما صورة لنفسي تضفي عليا قبحا..
و هكذا نجد أن الخجل هو خجل من الذات أمام الغير. فهاتان البنيتان غير منفصلتين، و لكن في الوقت نفسه أنا في حاجة إلى الغير لأدرك إدراكا كاملا كل بنيات وجودي، و لهذا لإن ما هو من أجل ذاته يحيل على ما من أجل الغير.( في نظر الغير).
J.P.Sartre, l'etre et le néant, Paris, Gallimard, 1957, pp.275-277.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل الذاكرة ذات طبيعة مادية أم نفسية؟

قارن بين العلم والفلسفة (خاصة بالعلميين واللغات)

هل معيار الحقيقة العمل النافع أم تأمل الإنسان لعالمه الداخلي؟