قارن بين المنطق الأرسطي والمنطق الرياضي..خاص بالعلميين واللغات

مقدمة:يعتبر المنطق الأداة التي تساهم في تحقيق غاية الفكر السليم من حيث قدرته على التوجيه الصحيح للبحث عن الحقيقة وتحصيل المعرفة الموثوقة، غير أن المنطق أنواع منها المنطق الأرسطي والمنطق الرياضي،ما يدفعنا إلى إثارة التمايز بينهما وطرح التساؤل التالي: ما هي أوجه التشابه وأوجه الاختلاف وأوجه التداخل الموجودة بينهما؟ وهل العلاقة الموجودة بينهما هي علاقة تمايز أم علاقة تكامل؟

أوجه الاختلاف: يوجد اختلاف بين المنطق الأرسطي والمنطق الرياضي أهمها: 

ان المنطق الأرسطي (الصوري) هو مجموعة من القوانين والمبادئ العقلية ،ويعتمد على القياس المنطقي الذي يتكون من حدود عبارة عن كيفيات لأنها ألفاظ تستعمل كلغة مبني على القياس مثل:كل التلاميذ نجباء  - - أحمد تلميذ - - إذن أحمد نجيب

والقياس المنطقي ننتقل فيه من مقدمات عامة وكلية كقولنا كل التلاميذ نجباء، إلى نتائج جزئية أحمد نجيب، وبالتالي تكون نتائجه تكرارية وهي عبارة عن تحصيل حاصل لأن نتائجه ليست جديدة من حيث تضمنها مسبقا في المقدمات، لهذا قال ديكارت:"...القياس المنطقي عقيم أما الاستنتاج الرياضي فهو منتج."

أما المنطق الرياضي (الرمزي)فهو يهتم بدراسة المفاهيم الرياضية ويتكون من حدود عبارة عن كميات لأنه يستخدم الرموز الرياضية، أي أنه عوض اللغة الشائعة والألفاظ بالرموز الجبرية وهي المتغيرات "ص،ك،x ,y... "والثوابت"-،+،/،.." الجمع والطرح والفصل...،والعلاقة بين حدوده هي علاقة مساواة أو عدم مساواة مثل(س-2)(س-3)=س2-5س+6.

وفي الاستنباط الرياضي ننتقل من مقدمات مركبة ومبادئ عامة إلى نتائج بسيطة (البرهان التحليلي)،ومن مقدمات بسيطة إلى نتائج مركبة(البرهان التركيبي)،والمنطق الرياضي منتج وخصب لأن نتائجه جديدة وليست متضمنة في مقدماته ويقول غوبلو:"...ليس الاستدلال الرياضي استدلالا تأمليا محضا،بل هو فعال وانشائي ،فالنشاط الانشائي الذي يقوم به الفكر هو الذي يظهر نتيجة جديدة".

أوجه التشابه:بالرغم من وجود اوجه اختلاف بين المنطق الأرسطي والمنطق الرياضي إلا أنه لا يمنع من وجود أوجه تشابه أهمها: كلاهما يهتم بتطابق الفكر مع نفسه أي انسجام العقل مع ذاته وليس مع الواقع أو العالم الخارجي كما نجده مع المنطق الاستقرائي، وبالتالي فكلاهما يندرج تحت ما يسمى بالعلوم التجريدية ذلك ان التجريد هو القاسم المشترك بينهما.

وهما يعتمدان على مبادئ العقل خصوصا مبدأ الهوية ومبدا عدم التناقض، ذلك أنها القاسم المشترك بين القياس المنطقي والاستدلال الرياضي لأن معيار الصدق بينهما يقوم على انسجام الفكر مع نفسه.

كلاهما معرفة غير مباشرة لأننا ننتقل في استنتاجاتنا من مقدمات إلى نتائج ،لهذا فهما يعتمدان على وسائط، وهما معا يشتركان في غاية واحدة وهي بلوغ الحقيقة الصحيحة.

أوجه التداخل:انطلاقا من أوجه الاختلاف وأوجه التشابه يمكننا تحديد العلاقة الموجودة بين المنطق الأرسطس والمنطق الرياضي وهي علاقة تأثير متبادل بينهما لأن الرياضيات في العصر الحديث أصبحت تعتمد على المبادئ العقلية المنطقية حتى لا تقع في تناقض،كما ان المنطق الرياضي أثر على المنطق الأرسطي لأن العقل البشري أصبح يحتاج إلى الرموز الرياضية بسبب الانتقال من النموذج الفلسفي إلى النموذج العلمي وقول برتراند راسل:"...المنطق طفولة الرياضيات والرياضيات  شباب المنطق"

الرأي الشخصي:إني أرى بدوري أنه توجد علاقة اتصال بين المنطق الرمزي والمنطق الرياضي من حيث العلاقة التاريخية التي تجمع بينهما إذ أن غايتهما معا تتمثل في ضبط الفكر من الوقوع في الزلل سواء باستخدام اللغة الاصطلاحية أو الرمزية وقول هلبرت:"...إن تطبيق المنهج الرياضي على المنطق الصوري أدى إلى ظهور المنطق الرمزي".

خاتمة: نستنتج من خلال التحليل السابق أن العلاقة الموجودة بين المنطق الأرسطي والمنطق الرمزي هي علاقة اتصال وتكامل ذلك انه لا يمكن الحكم عليهما من الناحية البنائية لكل منهما بقدر الحكم عليهما من ناحية قدرتهما معا على ضبط الفكر من الوقوع في الزلل والحفاظ على صورية الفكر البشري بانطباق الفكر مع نفسه إذ كان المنطق الأرسطي أرضية المنطق الراياضي والمنطق الرياضي الواجهة الرمزية للمنطق الأرسطي داخل العلوم ويقول راسل:"...ليس ثمة خط فاصل يمكن رسمه بحيث يوضع المنطق على شماله والرياضيات على يمينه."