المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠١٨

الغيرية

"كل شيء فينا ينتمي للإنسانية، وكل شيء يأتينا منها:الحياة، والثروة، والموهبة، والمعارف، والحنان(...) وهكذا، فعندما تختزل النزعة الوضعية كل الأخلاق الإنسانية في فكرة واحدة هي إن يحيى الإنسان من أجل غيره، فان هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية الكونية وتسييجها؛ بعد إن تم الارتقاء بالفكر النظري البشري وتتزاوج كل الترتيبات الذهنية اللاهوتية والميتافيزيقية(...) لا يمكن للإنسان الأكثر مهارة وفِطنة ونشاطا أن يرد للإنسانية ولو جزءا صغيرا مقابلة م تلقاه منها.يستمر الإنسان،كما كان في طفولته,يتغذى بالإنسانية,و يتلقى الحماية من الآخرين، ويطور قدراته داخلها(...) وذلك كله بفضل الإنسانية عليه(...) لكن وبدل أن يتلقى كل شيء منها بواسطة آبائه، تنقل الإنسانية له خيراتها عبر فاعلين متعددين غير مباشرين، لن يتعرف على الكثير منهم. أن يحيا الإنسان من اجل الغير يعني إذن، عند كل واحد منا واجبا ضروريا ومستمرا ينبثق عن هذه الواقعة المتعذر تجاوزها وهي: أن يحيا الإنسان بفضل الغير. أنها، وبدون حماس عاطفي، النتيجة الضرورية المستخلصة من تقدير دقيق لمجريات الواقع المدرك فلسفيا في مجموعه(...) علاوة على

إمكانية معرفة الغير

    "إما أنا أو الآخر، علينا أن نختار بينهما، هكذا قيل. غير أننا نختار الواحد ضد الآخر، ونؤكد حينئذ النزاع . فيحوّلني الآخر إلى موضوع ثم ينفيني، وأنا بدوري أحول الآخر إلى موضوع ثم أنفيه، هكذا قيل . لكن نظرة الآخر لا تحولني في حقيقة الأمر إلى موضوع ، كما أن نظرتي لا تحول الآخر إلى موضوع إلا إذا انسحب كل منا داخل طبيعته المفكرة وأضحى كل منا نظرة لا إنسانية بالنسبة إلى الآخر، إلا إذا أحس كل منا بأفعاله ، لا من حيث أن الآخر يستعيدها ويفهمها، بل من حيث هو يلاحظها كما لو كانت أفعال حشرة. هذا ما يحصل مثلا عندما يسلط علي نظر شخص مجهول .   غير أن الإحساس بوطأة موضعة كل واحد منا بفعل نظرة الآخر، هذا الإحساس لا يصبح ممكنا في هذه الحالة إلا لأنه يحل بدل تواصل ممكن . إن نظرة كلب إلي لا تحرجني البتة. فرفض التواصل هو كذلك ضرب من التواصل. إن الحرية التي تتخذ شتى الأشكال ، والطبيعة المفكرة، وهوية الشخص التي لا يشاركه فيها أحد، والوجود الذي لا قيمة له ولا معنى، كل هذا يرسم لدي ولدى الآخر حدود كل تعاطف ، ويعلق التواصل فعلا، لكن لا يقضي عليه .   فان كان الأمر يتعلق بشخص مجهول لم ينطق بعد تجاه

الواجب أسمى من المصلحة الفردية

"...إننا قادرون على التفكير كل التفكير فيما نعتقد انه مصلحتنا الخاصة،فيما يرجع طعامنا وشرابنا مثلا، وفيما يوصلنا لبعض الأرباح التي نريدها.و لكننا إذا وقفنا إزاء الواجب بقينا حائرين لا نبدي أي اهتمام ولا شعور.   حينما هاجت مدينة فاس ضدا قرار الأشغال العمومية المتعلقة بمسألة المياه في أوائل عهدنا بالحركة الوطنية قلت لرفقائي  : حينما تحل الواجبات الوطنية محل الماء من شعور أهل فاس و فكرهم يمكنهم ان يهبوا للدفاع عن الحق و أداء ما عليهم نحوه. ويظهر انه لحد الآن، وعلى الرغم من كل ما مر من مظاهر التطور، لم يصل الذهن المغربي ليحل الواجب المقدس منه محل الماء والحاجات الأخرى، ولذلك فهو لا يزال يعتبر الواجب شيئا ثانويا يمكنه أن يقوم به متى انتهى من مآربه الخاصة و شؤونه الأكثر حيوية والأجدر بعنايته حسب نظره من كل ما عداها(...) ولقد سمعنا من بعض رجال الحكومة المغربية شكاية عظيمة من الموظفين المغاربة الذين لا يريدون أن يشتغلوا في غير المدن، وهي شكاية قد لا نعيرها التفاتا لأنها صادرة عن جهة مهتمة، ولكن واجبنا ان نفكر في أسبابها؛ إذ الحقيقة أن مصدرها موجود وهو ما نتحدث عنه في إيثار الر

حول الفلسفة

الفيلسوف هو من يتوصل إلى معرفة الأشياء العويصة والتي تطرح صعوبات كبرى أمام المعرفة الإنسانية …  إن ما دفع الناس في الأصل وما يدفعهم اليوم إلى البحوث الفلسفية الأولى هو الدهشة. فمن بين الموضوعات التي بعثتهم على الدهشة والتي لم يستطيعوا فهمها، انصب اهتمامهم أولا على ما كان منها في متناولهم. وبتقدمهم شيئا فشيئا، حاولوا تفسير ظواهر أعظم كمختلف أحوال القمر وحركات الشمس والنجوم وتكون العالم … ونتيجة لذلك، فإذا كان الفلاسفة الأوائل قد تفلسفوا كي يخرجوا من الجهل فمن البين أنهم اهتموا بالعلم من أجل المعرفة لا من أجل منفعة ما … فالصنائع التي تهتم بالحاجيات والتي تحقق الرفه واللذة، كانت كلها تقريبا قد عرفت قبل أن يشرع في البحث عن تفسيرات من هذا النوع، فبديهي أننا لا نتوخى من الفلسفة غاية غير الفلسفة نفسها ».  أرسطو، الميتافيزيقا، الكتاب 1،  عن الكتاب المدرسي: الفكر الإسلامي والفلسفة، للسنة الثانية الثانوية آداب عصرية، طبعة 1991-1992، صص 41-42.  · الأسئلة:  1- حدد انطلاقا من النص دوافع التفلسف وغاياته.  2- كيف تتحدد صورة الفيلسوف حسب النص ؟  3- كيف تفهم قول النص: « بديهي أننا لا نتوخى من الفلسفة

نص مارسيل غوشيه عن الديمقراطية

  "...  في الوقت ذاته الذي تم فيه تكريس الديمقراطية في النفوس وفي العادات، حصلت تغييرات عميقة في الديمقراطية نفسها. فقد سار تكيفها على قدم المساواة مع اعادة تحديد مبادئها وألوياتها. ان التركيز الرئيسي انتقل من ممارسة السيادة باعتبارها المعبر عن الارادة الموحدة لمجموع المواطنين الى الاهتمام بحماية حقوق الفرد...وبدأ الاهتمام يزداد شيئا فشيئا بوسائل حماية الأقليات أكثر من الاهتمام بوسائل حكم الأكثرية. وأبعد من التفكير بالطرق الأكثر مباشرة والأكثر ثقة بتحقيق الأهداف التي تضعها الارادة العامة، ظهر التفكير في الطرق التي تمارس فيها الرقابة على الشرعية... وتحت تأثير دخول عامة الشعب في مجال الحقل السياسي، كانت المسألة الديمقراطية بامتياز تتمثل في مشاركة المواطنين في السلطة...وانتقلت الأولوية الى صون الحريات الشخصية الخارجية ازاء السلطة. ما العمل كي يبقى الصوت الفريد للمواطن مسموعا خارج المعزوفة السياسية، بعيدا عن الخيارات الجماعية؟." نص (متاح على):   http://ebn-khaldoun.com/les_lecons_plus.php?id=44