الواجب أسمى من المصلحة الفردية
"...إننا قادرون على التفكير كل التفكير فيما نعتقد انه مصلحتنا الخاصة،فيما يرجع طعامنا وشرابنا مثلا، وفيما يوصلنا لبعض الأرباح التي نريدها.و لكننا إذا وقفنا إزاء الواجب بقينا حائرين لا نبدي أي اهتمام ولا شعور.
حينما هاجت مدينة فاس ضدا قرار الأشغال العمومية المتعلقة بمسألة المياه في أوائل عهدنا بالحركة الوطنية قلت لرفقائي :حينما تحل الواجبات الوطنية محل الماء من شعور أهل فاس و فكرهم يمكنهم ان يهبوا للدفاع عن الحق و أداء ما عليهم نحوه.
ويظهر انه لحد الآن، وعلى الرغم من كل ما مر من مظاهر التطور، لم يصل الذهن المغربي ليحل الواجب المقدس منه محل الماء والحاجات الأخرى، ولذلك فهو لا يزال يعتبر الواجب شيئا ثانويا يمكنه أن يقوم به متى انتهى من مآربه الخاصة و شؤونه الأكثر حيوية والأجدر بعنايته حسب نظره من كل ما عداها(...)
ولقد سمعنا من بعض رجال الحكومة المغربية شكاية عظيمة من الموظفين المغاربة الذين لا يريدون أن يشتغلوا في غير المدن، وهي شكاية قد لا نعيرها التفاتا لأنها صادرة عن جهة مهتمة، ولكن واجبنا ان نفكر في أسبابها؛ إذ الحقيقة أن مصدرها موجود وهو ما نتحدث عنه في إيثار الراحة على الواجب(...)
إن عدم الاهتمام بالواجب هو الذي يفسد على عائلاتنا تربية أبنائها وطمأنينة حياتها، وهو الذي يفسد على ولاتنا مقدرتهم على تحمل المسؤولية الاضطلاع بالمهام، وهو الذي يحول دون صفحنا وجلاتنا من أن تسير إلى الأمام،لأنها لا تجد أولئك الكتاب الدين يواظبون على أداء مهمة الكتابة المتقنة في الوقت المنشود، وهي التي تحول بيننا وبين المشاركة في كثير من المظاهرات الثقافية أو الفكرية على الأقل، وهي التي كثيرا ما تمس بصميم حركتنا فتؤخر نجاح عديد من أعمالها(...)
إن التفكير بالواجب هو المنهج الوحيد لتكوين الشخصية المستقلة التي تعيش للمجموع و تحيا لخدمة الأمة.
علال الفاسي، النقد الداتي،دار الفكرالعربي،بدون تاريخ،ص : 27-30
أكتب مقالا فلسفيا تعالج فيه مضمون النص.
تعليقات
إرسال تعليق