هل الكوجيتو منبع الفلسفة؟
هل
الكوجيتو منبع الفلسفة؟
أ.معارك ناصر
إن الفلسفة في نظر روني ديكارت جسد الفكر،لأنها تمثل ذلك
الانعكاس الحضاري الذي يميز المجتمع المتحضر عن المجتمع المتوحش،وهو بهذا التمييز
ينظر إلى العالم نظرة أنثروبولوجية،لكن ما يهمنا نهنا، هي تلك العلاقة الموجودة
بين الفكر والفلسفة انطلاقا من مفهوم الكوجيتو، حيث أن الفلسفة في حقيقتها هي خطاب
يقوم على اللغة باعتبارها خاصية إنسانية إنفراد الإنسان بها عن الحيوان،رغم امتلاك
الحيوان لدماغ وأعضاء شبيهة بأعضاء الإنسان،كما تردد بعض الأنواع للكلام غير أنها
لا ترتقي لكي تمتلك لغة ،لماذا؟ لأنها لا تملك الفكر الذي يختص به الإنسان فقط
فيثبت وجوده ليصبح الأنا أفكر المنبع الأصيل لوجود الإنسان واندماجه في هذا
العالم،ويكون وجوده تحصيلا حاصلا لأنا أفكر،إذ من فقدوا القدرة على الكلام
استطاعوا ابتكار لغة إشارة مكنتهم من التواصل مع هذا العالم،كخطاب فلسفي عقلاني
يترجم الأنا أفكر إلى أنا موجود.لكن ما علاقة الكوجيتو باللغة؟ وما علاقة الأنا
أفكر بالوجود؟
ينطلق روني ديكارت من ثنائية الفكر والجسد ليصبح العالم
المرتبط بالإنسان عالمين اثنين،يتمثل العالم الأول في العالم الروحي الذي تسبح فيه
المعاني والأفكار،إذ منه تنبع ويصدر التفلسف نحو العالم،الذي يحتوي الفكر مرة أخرى
ويعطيه دلالات مادية على شكل لغة،وهذه اللغة يمكن قولبتها إلى لغة خاصة ولغة
عامة،إذ يختلفان في المقاصد والأهداف،فاللغة العامة هي لغة المجتمع القائمة على
التواصل فقط،أما اللغة الخاصة فهي لغة الفلاسفة والعلماء الذين يتواصلون فيما
بينهم بالأفكار أكثر من الكلام،وبالتالي يعودون إلى العالم الروحي بفكرهم ليصبح
الأنا موجود أنا مفكرة ،واللغة الفلسفية في حقيقتها هي حوار يعبر عن حرية الاختلاف
الفكري القائم على قبول الآخر،لأن الكوجيتو هو الذي يجمع جميع الأطراف المتحاورة
داخل العالم.
تعليقات
إرسال تعليق