عمل الفيلسوف
"هنا يتقدم الفيلسوف للاضطلاع بهذا العبء،إن اهتمامه ينصب على الغابة بأجمعها، فهو يجمع في جعبته النتائج التي وصلت إليها كافة العلوم ولكنه لا يناقش صحتها بل يقبلها،وعذره في ذلك أنه لم يؤت المؤهلات التي تمكنه من الوصول إلى هذه النتائج أو التاكد من صحتها،وهو في هذا يشبه قائد المعركة الذي يجلس في خيمة على مبعدة من ميدان القتال يفحص باستمرار التقارير التي يرسلها إليه قواد وحداته المشتركة في المعركةن ويحاول أن يخرج من هذا الخليط بفكرة عامة عن الاتجاه العام للحرب الدائرة.
فهو يتلقى على سبيل المثال ما يقرره علماء الطبيعة-أو ما تعودنا على سماعه منهم عادة لان هناك تعديلات أدخلت على القوانين الطبيعية اخيرا- وهو ان الاجسام التي يمكن ان تعد في حكم الموجودة هي فقط تلك الجزيئات من المادة التي تتحرك في الفضاء.وهنا ياتي تقرير آخر يتقدم به علم الحياة ،ويبدو منه أن بعض العلماء يعتبرون الحياة مظهرا مشتقا من المادة،وهي في هذا تخضع لجميع القوانين التي تحدد ،تبعا لعلماء الطبيعة ،حركات الاجسام(المادة)ولعل هذا يبدو كلاما غير منطقي(...)ولكن لو كان غير منطقي أفليس معنى هذا ان هناك على الأقل مبدأين مختلفين عن الكون ،واحد يقول بالحياة والآخر ينادي بالمادة؟ فإذا اعتقدنا بوجود هذين المظهرين فكيف يتفاعل أحدهما مع الآخر ويتأثر بالآخر؟
وهناك إلى جانب ما تقدم ما يقرره علماء النفس الذين يتحدثون عن العقل أو الشعور، وهو حديث يثير أمامنا مشكلة جديدة ،إذ ما هو المكان الذي يحتله العقل في الهيكل العام الذي سنقبله؟ أهو مظهر معين من مظاهر الحياة إذا عنينا الحياة على مستوى اعلى ،ولكن تتمثل فيه نفس الأصول والمقومات التي تبدو في كائن بسيط كالأمبيا،أو هو خليقة جديدة،أو مظهر تعبيري صاغه عقل أو قوة أسمى من الإنسان؟ أو لعله مجرد نتيجة لقيام المخ بوظيفته؟ إن مثل هذه الأسئلة هي التي تدور في ذهن الفيلسوف نتيجة لما يقوله العلماء."
الفيلسوف جود:فصول في الفلسفة ومذاهبها
تعليقات
إرسال تعليق